معركة أسعار النفط .. لصالح من ؟(تحليل)


معركة أسعار النفط .. لصالح من ؟!

بقلم محمد إبراهيم *

قد خسر سعر برميل النفط أكثر من نصف قيمته الغير عادلة أصلا في أقل من أسابيع قليله ، وعادت أسعار النفط تترنح الى ما قبل خمس أعوام مضت لتصل الى قيمتها الحقيقة ، لكن هل فعلا كانت أسعار النفط مقيمة بأعلى من قيمتها كل هذه الأعوام ، أم أن الأمر عرض وطلب حقيقي وهو المتحكم في الأسعار ؟ هل نجحت الرأسمالية في إعادة التوازن العالمي للسلعة الأكثر طلبا ؟ سأحاول في هذا المقال تفكيك النظرية بطريقة  تحليلة وخارجة عن  المؤلوف عن القصة الرسمية “حرب الأسعار” والتي  يرى البعض انها يقصد بها  تدمير دول آخرى كما يشاع أمثال روسيا وإيران وفانزويلا  .

الإفتراض الأول هو إن كانت الأسواق هي المتحكم الرئيسي للأسعار من خلال العرض والطلب فمعلوم أن أسعار السلع ترتفع إن نقص مخزونها من الأسواق وزاد الطلب عليها  والعكس صحيح تنخفض أسعار السلع بزيادة كمياتها  ونقص الطلب عليها  أو وجود بدائل فيمكن الإستغناء عنها، فالمؤثر والمتحكم الحقيقي هو السوق . إذا نفترض أن أسعار النفط كانت مقيمة بأكثر من قيمتها الحقيقة في الأسواق وصحح السوق مساره وتلك عادة الأسواق الحرة ونظريتها أيضا .

الإفتراض الثاني هو أن ما يحدث في أسواق النفط أكثر من حرب أسعار لأسقاط روسيا أو إيران والسبب أن مصدري النفط الأساسيين ربما أدركوا أنه لا يمكن الأستمرار في الأسعار المرتفعة للابد لأن في ذلك سقوط على المدى الطويل للدول المعتمدة على تصدير النفط كسلعة ، لكن كيف ذلك وكيف توصلوا الى تلك تنيجة ؟

أولا إن إستمرار إرتفاع أسعار النفط جعل العالم المتقدم يبحث عن طاقة بديلة تماما تبعده عن الأستعباد والتبعية لمصدري النفط وهم دول الخليج وروسيا ومنظمة اوبيك ككل ، هذا البديل دق ناقوص الخطر للدول المعتمدة على النفط في الهيمنة على العالم ، إن مجرد التفكير في طريقة جديدة للطاقة قد يدفع تلك الدول للجنون لأنه ببساطة يهدد مصدر دخلهم الرئيسي ، هذا باعتقادي  الطرف الأول في جعل بعض الدول المصدرة للنفط تشعر بتلك الوخزة التي ستضر ه مستقبلا حيث سيتم الأستثمار والبحث عن حلول بديلة في أشياء أقل تكلفة وأقل ضرر للبيئة ، ومن هنا تماما شعر المراقبون أن الأسعار لا بد أن تنخفض لأيقاف تلك الإستثمارات المتوجهه نحو الطاقات البديلة ، على الأقل لحين نفاذ مخزونات النفط في تلك البلدان ، وهنا بالذات رضخ  وتنازل المصدرون لأسعار معقولة ما دامت ستساهم بعدم زوالهم  ، فمعلوم في تحليل  جدوى الإستثمار أن لا يجب النظر فقط للأرباح القصيرة  المدى إنما الإستدامة أهم من الربح القصيروالكبير .

ثانيا ظهور وإستثمار ما يسمى النفط الصخري الذي بدأ الإستثمار فيه ما دامت الأسعار عالية بهذا الشكل فهي تشكل صفقات رابحة طبعا ، لكن إن انخفضت إسعار النفط فلن يكون هناك جدوى كبيرة من إستثمار شئ تكلفته أكبر من عائده لاحقا ، والشئ الآخر يلاحض أن العديد من المشاريع النفطية باشرت بالأستثمار باستخراج النفط اخذتا في الحسبان تللك الأسعار الخيالية في الأسواق وقد كانت في السابق تلك الأماكن معلومة بغناها النفطي إلا أن تكلفة إستخراجه والإستثمار به يكلف أكثر من عائده ، هذه الأبار كادت أن تفتح أسواق جديدة تغني عن الأسواق القديمة لمهيمني تجارة النفط في العالم لذا سرعان ما تداركت تلك الدول هذه النقمةوالنعمة في إستمرار أسعار عالية للنفط لتحافظ على هيمنتها على العالم وتجارة النفط بخفض الأسعار بطريقة أو بأخرى ، وبذالك تتعثر تلك الإستثمارات التي لا جدوى لها إقتصاديا بسبب السعر المنخفض للنفط

من هنا يظهر أن السعودية ربما كانت أكثر حكمة من غيرها إيران وروسيا الذي سارعا بتبادل الأتهامات والتأمر بسبب سعر النفط المنخفض لكنهم لم يدركوا أنه بطريقة أو بأخرى قد حافظت لهم على دخل مستمر وأمنت لهم أسواقهم  ولو على الحساب والمدى الطويل.

مع ذلك الى متى  تستطيع الدول النفطية الهيمنة والسيطرة على مصادر الطاقة في العالم  ، الناظر لسنة الكون يعلم تماما أن لا شئ يدوم للابد وما هو باهض الثمن اليوم يصبح لا شئ غدا ، والعلم يكشف لنا الكثير من البدائل التي تؤجل لسبب أو لأخر، لكن لن يدوم ذلك طويلا ،وهناك تماما قد تدرك بعض الدول التي تعتمد على النفط فقط في مدخولها أنها  قد أصبحت قزم غريب على العالم .

دمتم بود ،

ملاحظة تلك الأفتراضات في المقال تحدد  وجهه نظري ورأيي  الشخصي فحسب وقد تكون صحيحة أو خاطئة

محمد ابراهيم

عن محمد ابراهيم

مدوّن عربيّ يمنيّ الأصل، حاصل على الماجستير في إدارة المشاريع الدّولية - فرنسا. عمل في السّويد، وسافر إلى كثيرٍ من الدّول الأوروبيّة والآسيوية بغرضِ الزّياره ودراسة أسباب نهضة المجتمعات وتقدّمها ،مهتم أيضًا بالدّيانات وتأثيرها على المجتمعات سلبًا وإيجابًا وحقوق الإنسان العربيّ. أٌحبُّ صِناعة الأفلام الوثائقيّة, الموسيقى، الكرتون، والتّصوير الفوتوغرافي .أحلم بمجتمعٍ حرّ يعيش الحرّية، يصنع ,ينتج ويمتلك أفكاره دون تقيّد أو شروط .

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *