العلمانية مثال حي على نجاح الدول


العلمانية مثال حي على نجاح الدول

بقلم: محمد ابراهيم

ربما عند الحديث عن العلمانية هي حل  لشعوبنا العربية المدقعة بالفقر والحروب والإرهاب الديني يشعر العربي بالتهديد والخوف من شئ لا يفهمه ومصطلح يحاول بعضهم فهمه كنظام تهديدي لمصالحهم الخاصة .

كثيرا ما نتجاهل نجاح الشعوب العلمانية بغية الخوف من عدم تطبيق الدين في الشأن السياسي والقضائي، لكن دعونا لا نذكر تطبيق الشريعة الإسلامية كما تسمي في أفغانستان والشام واليمن لأنها  ستكون دعوة للإرهاب ، وقد قيل يوما أن الإعتدال في الإسلام هو التغافل عن بعض الشرائع والأحكام الغير انسانية ، وهذا واقع فنحن في دولنا العربية التي لا اعلم لأي دين أو طائفة تنتمي لأنها تتشكل وتتلون حسب  ظروفها ومصلحتها الخاصة التي تمر بها فحسب ومثال على هذا التلون المدعوم ماليا عندما كنا صغارا كانت المساجد تحتفل بمولد النبي الكريم وحتى تقام الحفلات الإنشادية في بعض البيوت فجأة أصبح الإحتفال بذكرى النبي بدعة وإنتشر الفكر في أغلب المساجد التي إعتنقت المذهب الوهابي فجأة وعلى العموم كانت مذاهب تلك المساجد صوفية معتدلة ، وهكذا غير الناس تلقائيا المنهج والتعاليم للتطرف والعصبية ، هذا مثال واحد على أن الناس تتبع مالا تعرف إنما المصلحة والأموال السعودية كانت تنخر كل مكان .

وعلى العموم مفهوم العلمانية واضح لكننا نحن العرب لا نفهمه بوضوح لسبب أننا على إستعداد دائم للتطرف والعصبية سواء دينية أو قبلية حسب الهوية لا يهم يبقى الأمر تعصب للفئة التي أنتمي اليها واغفال مفهوم العدل للجميع بسبب تلك العصبية التي في دمنا .

يجب أن يفهم الإنسان العربي أن الدعوة الى العلمانية هي دعوة للحفاظ على الناس والسماح لهم بممارسة عقائدهم وديناتهم دون تقيد إنما له كامل الحرية في التعبير وأداء شعائرة كما يريد ، فالعلمانية ليست اقصاء للدين كما يعتقد بعضهم ، الدولة تحمل الجميع ، وليست تلك  الدولة حسب معتقد معين لطائفة معينة تظلم الطوائف الآخرى حسب ما تراه صحيح بمعتقدها، لهذا لا يمر الكثير من الوقت حتى تظهر المشاكل وعندما تصبح الفرق المقهورة على قوة تنكوي بها نيران الحروب الطائفية وتقتلع الأخضر واليابس بحقد ومن الجميع وهكذا تدور الأيام والدوائر  ، أما العلمانية فهي تُذّوب كل تلك الفروق للجميع وتعمل مع الجميع في قانون يضعه الشعب لنفسه وليس ما تضعه الفرقة التي تظن أنها الحقيقة المطلقة للعلم والدين ، ويبقى أداء ومشاعر وعقائد الطوائف مكفولة ومحمية بالقانون .

  فدعوني أقول بدل التشرذم في المذاهب والطوائف والدماء لنكن أكثر تواضعا العلمانية أثبتت معقوليتها ونجاحها في كثير من الدول التي تبنتها ولم تتبني المشروع الديني السياسي المدمر، امريكا ، كندا ، استراليا ، فرنسا ، وأغلب الدول المتقدمة والتي تعيش حرية فكرية سياسية فاصلة الدين عن السياسة ناجحة، وهنا يضحكني بعض المثقفين العرب حين يقولون أن بعض الدول العربية أصلا علمانية ولم تنجح أو يقال كان عهد صدام يعيش فيه السنة والشيعة دون حروب ودماء ، أقول هذه ليست علمانية إنما قمع سياسي فحسب العلمانية تكفل الجميع وليست مع فرقة ضد آُخرى هي ليست إقصاء للناس ومعتقداتهم ، فالمصلحة الأولي هي الوطن والإنسان ، أما ما يعبد الأنسان وكيف ولماذا فهذا متروك للإنسان نفسه لا يفرض ولا يُقهر أحد على إتباع أفكار الآخر دون إقتناع .

أما إن أبينا إلا التكبر على أنفسنا بأننا قادرون على صناعة نظام ناجح كالعلمانية أو أن نكّون دول تقارب النظام العلماني فاننا نقضي على أنفسنا بالصراعات والحروب يوما بعد يوم ، وخاصة أننا لا نرى أي دولة عربية أو إسلامية ناجحة نضرب بها المثل ونتفاخر بها على الشعوب الأخرى ونقول ها هو نظامنا البديل  ، لكننا نستطيع ضرب الكثير من الأمثلة عن الدول العلمانية ، ولحسن حظ الأتراك أن أتاتورك قد لحق بتركيا على الأقل مع ركب الدول العلمانية وإلا لكانت تركيا مجرد بلد مثله مثل البلدان العربية اليوم ، قد يقول البعض أن أتاتورك كان محاربا للإسلام أقول حتى الشيخ الكويتي طارق السويدان ذكر منافع ومساوى الرجل ولم يمحي منافعه في برنامجه الرمضاني  فدعونا نكن منصفين ، لكن مع ذلك يبدو أن اوردغان يريد العودة للوارء بفهم أو بجهل .

وهناك من الناس من يحلم الحلم الوردي الوهمي ويقول أين حكم الأسلام مثلا لنقول أو نقارن بين نجاحة والعلمانية ، أقول تلك هي الأحجية القديمة التي مللت من سماعها وكنت أيضا من المتحمسين لها وارددها في كل واد ، لكن عند التعمق في فهم الطريقة العربية في التفكير تفهم أن هذا مجرد هراء ثانيا ألم تكن أفغانستان بلد يطبق الشريعة الإسلامية مثلا فلماذا لم ينجح لنتباهى فيه وكذا هو النموذج الشيعي في إيران لماذا لا ينجح ويسكت كل الأصوات ، لماذا لا ينجح نموذج أوردغان اليوم دون قمع للحريات مثلا ، كل هذه الأوهام هي مخدر صغير يريحنا من الحقيقة وهي أننا فشلنا في صناعة شئ للعالم وفشلنا في تقديم نموذج غير العلمانية ، لذا لنتواضع ونجرب ونفتح عقولنا أكثر لما له المصلحة العامة للناس أجمعين .

لنعلم الأجيال القادمة العلمانية بدل الطائفية التي تمزق أرضنا اليوم ، لنعلمهم إحترام الأديان والمعتقدات والطوائف ، لنعلمهم السلام لا الحرب والإرهاب فلا مقدس إلا الإنسان نفسه .

,,, لنتفكر ,,, لنتغير ,,


محمد ابراهيم

عن محمد ابراهيم

مدوّن عربيّ يمنيّ الأصل، حاصل على الماجستير في إدارة المشاريع الدّولية - فرنسا. عمل في السّويد، وسافر إلى كثيرٍ من الدّول الأوروبيّة والآسيوية بغرضِ الزّياره ودراسة أسباب نهضة المجتمعات وتقدّمها ،مهتم أيضًا بالدّيانات وتأثيرها على المجتمعات سلبًا وإيجابًا وحقوق الإنسان العربيّ. أٌحبُّ صِناعة الأفلام الوثائقيّة, الموسيقى، الكرتون، والتّصوير الفوتوغرافي .أحلم بمجتمعٍ حرّ يعيش الحرّية، يصنع ,ينتج ويمتلك أفكاره دون تقيّد أو شروط .

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *