أزمة العرب في الغرب و الإسلام فوبيا 1


أزمة العرب في الغرب و الإسلام فوبيا

نظرة تحليليّة على واقع المسلمين في الغرب كما لمستها

بقلم :محمد ابراهيم ،

هل الإسلام فوبيا مبرّر ؟! ولماذا يتحوّل بعض الدّاخلين حديثًا في الدّين الإسلامي إلى وحوش في سوريا والعراق ؟!

في الغرب يجد الإنسان حرّيته في اعتناق الدّين والعقيدة الّتي يراها مناسبة ، ويحقّ له ممارسة شعائره بكلّ حرّية بشرطٍ واحد عدم الإضرار بالآخرين. يعيش النّاس في تناغم وحرية ولربّما إنّي كشخص عشت في الغرب وتنقّلت في بلدان أوروبا سأكون منصفًا وأقول ما لمست. قد شاهدتُّ المسلمين وأصحاب الطّوائف الأخرى يمارسون شعائرهم بكلّ حرّية حيث توجد المساجد في وسط الأحياء الفرنسيّة دون إثارة لنزاعات أو قلاقل، كما يسمح برفع الأذان في عاصمة السّويد ستوكهولم  في أحد المساجد بتصويت غالبيّة أهالي الحيّ السّويدي ، حيث يرون أنه لا ضرر في ذلك ، وصرّح هؤلاء إذا كانت الكنائس تدق أجراسها للنداء فلا مانع من الأذان إذا كانت هذه طريقة المسلمين، لكنّ ما أثارني حقًا كمحور لكتابة هذه التدوينة هي قرائتي لمقالٍ عن أحد الآباء المسلمين الأستراليين  من أصولٍ لبنانية، حيث نشر الرّجل على صفحته في الفيس بوك صورًا لنفسه قاطعًا رؤوس من يسمّيهم مشركين! ، ومتفاخرًا في صورةٍ أخرى بولده الصغير! فاعلًا نفس الشئ!! لقراءة  هذا المقال من هنا :

awraqpress.net/portal/news-8625.htm

إضغظ هنا

السؤال التقليدي هو :لماذا يتحول كثير من الداخلين في الإسلام الى أدوات فتّاكة للقتل ؟! والتّفاخر بالذّبح باسم جهاد المشركين ؟ !، يُقال أنّ غالبيّة منتسبي التّنظيم الإرهابي “داعش” هم من أصولٍ فرنسيّة أو يحملون الجنسيّة الفرنسيّة  وكأن الّلغة الفرنسيّة أصبحت لغة داعش هناك !

لربّما أستغلّ هؤلاء الحرّية الّتي حصلوا عليها في أوطانهم بطريقةٍ رثّة تُثير الشّفقة ، فالحرّية هي مسؤوليّة أكثر منها تطرفًا أو طيشًا  كما يعتقد أصحاب الأفكارالأيدلوجية  الإسلاميّة  والسّياسيّة.

كما لمست وشاهدت  أنّ المجتمعات الإسلاميّة في الغرب تسيطر عليها نفس الأفكار الّتي في الشّرق أيّ في أوطاننا العربيّة فمشكلة المسّلمين في الغرب هي نفسها مشكلة المسلمين في أوطانهم (الطائفية ، القبلية ، التّعصب الدّيني والمناطقي، الإنغلاق على الذّات في المعرفة الحرّة) ، فالمسلمين هناك لا يستطيعون الإندماج في المجتمعات الغربيّة والسّبب يعود لأفكارهم   ،ولننظر بالتّحديد كيف وصل المسلمون الأوائل إلى فرنسا وغيرها من الدّول الأوروبيّة ، في البدء احتاجت هذه الدّول أيدٍ عاملة رخيصة فسافر الكثير من الرّجال ومن المغرب العربي خاصة إلى فرنسا وبلدان أخرى لطلب الرزق وعادة هؤلاء الأوائل لا يسعون للبقاء في الغرب والسّبب أن هجرتهم كانت اقتصاديّة فحسب، ولو اطّلعت إلى أكثر الإحصاءات تجد أنّ المهاجرون الأوائل قد عادوا إلى بلدانهم الأصليّة شوقًا  وحبًا  لها، لكنّ المشكلة تأصّلت في إنجاب هؤلاء جيل جديد في تلك البلدان حيث لا يعرفون فعلًا أوطانهم الأصليّة ويحملون الجنسياّت الغربيّة ،  لكن مع ذلك يعيشون بنفس طريقة الآباء القدماء، طريقة بلدانهم الأصلية ، فحدث الخلل والفجوة الكبيرة بين الثقافات الغربيّة وطريقة الحياة والثقافات والعادات الشرقية .

نعم قد فشل المسلمون في الإندماج في الغرب إلّا قليل سواء في فرنسا أو السّويد أو الدنمارك .. الخ  ، والسّبب يعود لتصادم الثقافات ،  أعرف فرنسيّة من أصول جزائريّة تعاني الأمّرين في الإندماج فلا هي تشعر بأنها فرنسيّة من أعماقها ولا هي أيضًا جزائريّة  لكنّها تحاول عبثًا أنْ تنتمي إلى إحدى المجتمعات ، هذا حاصل لكثير من المسلمين هناك ، ولأني أرى أن طريقة التّفكير الشرقيّة المنغلقة على الآخر هي السّبب الحقيقيّ في عدم تقبّل العرب للمجتمعات الغربيّة التي يعيشون بينها ، رغم تنفسهم للحريّة الحقيقيّة في الحياة والعيش وحتى التّفكير إلّا أنّ أغلبهم يرفضها وينادي بالحياة الذي يسميها إسلامية على طريقته طبعًا ، لهذا يفشل المسلمون في الإندماج في الغرب ويجدون أنهم ليسوا هنا أو هناك  مع ذلك يصرّون على أنّهم يعيشون في مجتمعات كافرة ، فيعبئ الأطفال أنّ هذه ليست الطريقة الصحيحة في الحياة ،وهكذا نصل الى التّطرف لاحقًا كما يحصل اليوم في بلجيكا وغيرها ،  قد تحول معظم هؤلاء رغم الحياة الكريمة والمجتمعات المستقرّة هناك إلى وحوش في سوريا والعراق ونلاحظ أنّ مشكلة الإندماج وعدم تقبل فكرة الحرّية الدينيّة وتناغم الحياة بين أطياف المجتمع في الغرب قد أثّرت عليهم سلبًا ليصبحوا متطرّفين وأصحاب أفكار دينيّة سياسيّة  متعصّبة.

لكن هل يبرر ذلك الإسلام فوبيا في الغرب وهل تعتبر تصريحات وزيرة الأسرة الفرنسيّة السّابقة عنصريّة ؟ وماذا عن وزير الخارجية الفرنسي؟

لأكون صادقًا وقد كتبت في مقال سابق أنّ التّنظيمات الإسلامية بكل اتجاهاتها وخاصة من يحملون فكرًا سياسيًا  ويعيشون في الغرب لديهم ذلك الفكر أنّ من نعيش معهم هم مجتمعات كافرة فحسب، قد قادني يومًا الحوار بين بريطاني من أصولٍ عربيّة  عن الخطاب الدّيني المسموم  الّذي يسمعونه ويلقنونه لهم في بريطانيا ويبدو أنّ الأمر ليس فقط حكرًا على أوطاننا العربيّة ، كان هذا الشاب مفعم بالحياة ويتحدث عن أنّ الإسلام (السّياسي ) سيحكم العالم ويجب أنْ تكون بريطانيا دولة مسلمة حسب تعبيره وقد كان هذا الشّخص مصاب بمرض عضال وحصل على الجنسيّة البريطانيّة لحاجة إنسانية هي مساعدته في أزمته المرضيّة  المزْمنة،  قلت له :هل تعتقد أنّك لو كنت في بلدك الأُم لعشت إلى هذا اليوم ؟! قال لي :”صراحة لا أعتقد أنا أعيش اليوم بسبب الإنجليز وإحسانهم” فقلت : فلماذا تريد تحويل بريطانيا إلى دولة مسلمة هل ترى اليوم دولة عربيّة واحدة مسلمة  عادلة ؟! هل ترى دولة عربيّة أو إسلامية واحدة قد تعتني بك إنسانيًا فقط لأنّك إنسان دون النظر إلى جنسيّتك أو ديانتك أو طائفتك أومعتقداتك ؟! ” قال: لا ” ، فقلت: عندما تتحدث عن تغيير بريطانيا إلى دولة مسلمة يجب أن يكون معك مثال  تطبيقي نستطيع رؤيته حتى يثبت لنا صحة ما تريد ؟ ولنكن صريحين هنا لا توجد دولة إسلامية واحدة “عادلة ” في يومنا هذا  ولم توجد إلاّ في زمن عمر بن الخطّاب وعمر بن عبد العزير ويعتبر الأمر مختلف عليه بين المسلمين أيضّا إن كان عدلًا أم لا  ، ويبدو أنّه لم يعجبنا ذلك الإحسان والعدل فتمّ القضاء على حكم عمر بن عبد العزير خلال سنتين فقط ، ولا توجد دولة إسلامية واحدة قد تعتني باللاجئين إنسانيّا بسبب الحروب وغيرها  من الكوارث كما يحدث في الغرب ،  وحتى أكثر الدّول غنى وهي دول الخليج العربي لا يوجد نظام واحد يكفل حياة اللاجئين من الحروب أو المجاعات .. الخ ، لا توجد دولة إسلامية واحدة تحافظ على حقوق الإنسان لأنّه إنسان فحسب ، فعندما نريد إثبات شئ يجب أن نراه  فعلالنشتهد به ونفخر ونتباهى  فيه بين الاُمم الأخرى وطبعا نثبت صحة ما نقول ، أما أن نبني على الأوهام فذلك شئ آخر،  فقد حكم أكثر الناس إيمانا كما يقال أفغانستان وقد شاهدنا الغلمان يرقصون على أنغام النعمان ، وها هي دول الخلافة في أبين والعراق وسوريا وغيرها وكأني أرى العدالة تتقاطر من وجوه مصّاصي الدّماء هؤلاء، أمّا الدولتان الإسلاميتان التي نحاول التحدث عنهما بأنهم نجاح للمسلمين (تركيا وماليزيا) فليس فيهما حتى نظام قريب من الإنسانية الغربيّة في الحقوق والواجبات ولا حتى في إتباع نظام إسلامي يمكننا التحدث عنه فلا شئ جديد إلى أن يثبت العكس، فكفى ضحكًا على عقولنا وعبثًا بها ، لم ننجب دولة واحدة عادلة من ذلك  اليوم الذي يتصارع فيه الإسلاميون سياسيًا على الحكم ، لذلك لا أستغرب حقيقة عندما تصرّح وزيرة  الأسرة الفرنسية سابقًا على صفحتها في الفيس بوك وتقول :”إندمجوا أو إرحلوا” ، رغم أنّ التّصريح فيه عنصرية إلّا أنّي أرى أنّ المسلمين في الغرب لم يندمجوا في الثقافات الراقية بصدق ، بل أخذوا كل ما في قرانا وجبالنا من همجيّة وحاولوا العيش بها دون تغيير يُذكر والأكثر فرضها على الغير، ولا أستغرب قلق وزير الخارجيّة الفرنسي ودعوته للدّول العربية لمواجهه خطر ما يسمي “بتنظيم  الدولة الاسلامية” الذي يراه أنّه قد يمتد إلى أوروبا يوما ما  .

لذا الإسلام فوبيا مبرر ودعني أكن  أكثر صراحة ، كيف لي أن أثبت للغربي أنّي لو حكمته يومًا سأكون أكثر إنسانية وعدلًا منه ، ألا يجب أن أُريه مثالًا تطبيقيًا يفرض صحة إدعائي ، هكذا يراه الآخر وهكذا حاولت أنْ أفسره لأصحاب الوجهات المختلفة عنا عقائديًا ودينيًا .

ولي نداء أخير أيها العالم العربي و الإسلامي هل لي أن أتفاخر وأُفاخر  بدولة إسلامية واحدة عادلة حرّة عظيمة فقد شاب شعري مناديًا .

ملاحظة :هذا النداء ليس لناطحات السّحاب الصّماء أينما كانت !


محمد ابراهيم

عن محمد ابراهيم

مدوّن عربيّ يمنيّ الأصل، حاصل على الماجستير في إدارة المشاريع الدّولية - فرنسا. عمل في السّويد، وسافر إلى كثيرٍ من الدّول الأوروبيّة والآسيوية بغرضِ الزّياره ودراسة أسباب نهضة المجتمعات وتقدّمها ،مهتم أيضًا بالدّيانات وتأثيرها على المجتمعات سلبًا وإيجابًا وحقوق الإنسان العربيّ. أٌحبُّ صِناعة الأفلام الوثائقيّة, الموسيقى، الكرتون، والتّصوير الفوتوغرافي .أحلم بمجتمعٍ حرّ يعيش الحرّية، يصنع ,ينتج ويمتلك أفكاره دون تقيّد أو شروط .


Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

One thought on “أزمة العرب في الغرب و الإسلام فوبيا