ما هو الفكر؟ وما هي صناعة الفكر؟ وما أسباب تعطيل الفكر وأنتاج الافكار عندنا نحن العرب؟


بقلم : محمد ابراهيم.

ما هو الفكر؟ وما هي صناعة الفكر؟ وما أسباب تعطيل الفكر وأنتاج الافكار عندنا نحن  العرب؟

لقد ذكرت في المقال السابق عن أن الثورات العربية ناقصة للفكر وصناعتة ، الفكر الحر الخالي من الرقيب والحسيب حيث تطرح الأفكار وتناقش بين الأطياف لا أن تحارب وتدان أو أن يكفر أصحابها.

صناعة الفكر أو أنتاجه يتطلب أرضاً حرة خصبة تتوالد فيها الأفكار وتناقش وتعاد صياغتها لتنتج جيلً يعتني بالأفكار ويتدارسها ويأخذ ما يناسبه منها حسب تجربة المجتمع لها، وذلك لتحسين حياة الأنسان وطريقة عيشه، ورفاهيتة كمستخلف في الأرض فذلك هو الهدف.

إن الدول المتقدمة منتجه للأفكار الحرة والسبب يأتي من التجارب التي خاضتها تلك الدول في معرفة مدى أهمية البوح بالأفكار وعدم كبتها  فذلك يصنع مجتمعات أقوى.

إن الفكر الحر قد يناقش كل مّسلم ، وقد يتطرق الى مواضيع حساسة جداً، ولكي نصل الى هكذا مرحلة ننتج فيها لا أن نكون اتباعاً حمقى لكل ما هب ودب ، ولا أن نكون حبيسي كل قديم عفى عنة الزمن ورم ونريد أن نسبق العالم بحلم أن المسلمون سيحكمون العالم بالعدل .

لقد ولدنا مبرمجين على مجتماعتنا العربية أخذين الجيد والسئ ، ومّسلمين بأننا كنا شئ في ما مضئ،  وأننا نحاول أن نعود كما كنا من قبل بطريقتنا “العنجهية” المتعجرفة ، إننا أقوام لا نصنع فكراً ونضع كل القيود على الأفكار بحجة العادات والتقاليد،  أو الخوف من التكفير، أو لأننا ولدنا هكذا ويجب أن نظل كما نحن.

المجتمعات العربية لا تفكر  وذلك ياتي لأسباب عدة من أهمها أنفسنا اولاً , وثانيها برمجتنا في طريقة تعلمينا وتلقيننا في المدارس و الجامعات  العربية، كل ما يهم هو أن نحفظ ما يقال لنا وإن فكرنا أصبحت قلة أدب وتطاول على معلمينا .

يعود السبب أن معلمي الجامعات العربية قلما يحصلوا على التدريب  أو التطويرفي أساليب التعليم الحديثة  ، وهي ايضاً سذاجة من يظن أنه امتلك المعرفة الكاملة ، السبب الآخر هو أنظمتنا العربية نفسها،  فقد صممت مناهج تجعل الطلاب أتباعاً لا مفكرين لنسخ الكتاب ولصقة في يوم الأمتحان، نعم فالتفكر عند نا نحن العرب تهديد للدولة ونظامها أو تكفير وخروج عن الملة.

أن الفكر حياة فقد قالوا  يوماً :”حق الانسان في العلم والمعرفة كحقة في الحياة”،وذكر إبن رشد في يوم محرقة كتبة  قائلاً لتلميذة “لا تخف فأن للأفكار أجنحة تطير لأصحابها”

أما كبت الأفكار بحجج النظام العام او الأخلال بالمجتمع فهذا ما جعل شعوبنا العربية تثور في حلقة مفرغة بعد سقوط الطواغي القدامى ، لم تعرف ما تريد ولم تحقق اي شئ !.

إن من تبعات كبت الأفكار أن يجعل ما يسميهم البعض علماء يسردون فتاوى في كل ما هب ودب كأرضاع الكبير، وتحريم قيادة المرأة للسيارة، وإكتشاف او إختراع دواء للإيدز ذلك في الجيش والآخر في المسجد ، نحن في إنحطاط  وفراغ حقيقي، والمشكلة أن أغلبنا لا يدري ولا يدري أنه  لا يدري !!، ولعل نزار قباني قد قالها يوما : “”قضيت عشرين سنه أعيش في حضيرة الأغنام ، أعلف كالأغنام ، أنام كالأغنام، أبول كلأغنام،  أدور كالحبة في مسبحة الأمام ، أعيد كالببغاء كل ما يقول حضرة الأمام ، لا عقل لي لا رأس ، لا أقدام””.

كبت الأفكار يجلنا في أسفل الأمم كالأختراع و الأبتكار،  في المعرفة وتراكمها وإضافة شىئ للعالم ، والـأسهل من ذلك هو جعل حياتنا أجمل ومجتمعاتنا مكان محبب للعيش  ، عندما نرى  تاريخ خريطة جائزة نوبل نكتشف بكل وضوح أننا مستوردون للأفكار لا منتجون لها.

 

المصدر تاريخ  خريطةجائزة نوبل  http://www.washingtonpost.com/blogs/worldviews/wp/2013/10/15/the-amazing-history-of-the-nobel-prize-told-in-maps-and-charts/

 

 

ولربما أكتب مقالا لاحقا عن جائزة نوبل ودور العرب فيها.

كبت الأفكار يجعل من أوطاننا مكاننا للتعصب ، أرضاً خصبة سهلة للحروب ، لظهور الإرهابيين كالقاعدة وغيرها من الفرق الظانة والحالمة أنها الفرق الناجية ، يجعلنا أرضاً سهلة  لنشوب الصراعات في ما بيننا، والأدها لقمة سهلة للأخرين .

 

اذاً نخلص معاً أن أمتنا العربية مكبوتة الفكر لأسباب التحريم، التكفير، القمع السياسي ، أو العادات والتقاليد ، هذا الخوف من الأفكار يبدأ في مرحلة مبكرة منذ الطفولة فالعائلة تخيفك، والنظام يهددك، والإمام يكفرك .. الخ.

فكيف تنتج أفكار في هكذا مجتمعات، وكيف تنجح الثورات دون تغيير في الأفكار.

ولعلي أختم بمقولة برناد شو:

“التقدم مستحيل بدون تغيير، وأولئك الذين لا يستطعيون تغيير عقولهم لا يستطيعون تغير أي شئ”.

دمتم بود ،

 


محمد ابراهيم

عن محمد ابراهيم

مدوّن عربيّ يمنيّ الأصل، حاصل على الماجستير في إدارة المشاريع الدّولية - فرنسا. عمل في السّويد، وسافر إلى كثيرٍ من الدّول الأوروبيّة والآسيوية بغرضِ الزّياره ودراسة أسباب نهضة المجتمعات وتقدّمها ،مهتم أيضًا بالدّيانات وتأثيرها على المجتمعات سلبًا وإيجابًا وحقوق الإنسان العربيّ. أٌحبُّ صِناعة الأفلام الوثائقيّة, الموسيقى، الكرتون، والتّصوير الفوتوغرافي .أحلم بمجتمعٍ حرّ يعيش الحرّية، يصنع ,ينتج ويمتلك أفكاره دون تقيّد أو شروط .

Leave a comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *